نوع المستند : المقالة الأصلية
المؤلف
جامعة الأزهر
المستخلص
فقــه المراجعـــات الفکـريـــة ... ودوره في ترشــيد العمــل الدعــوي
يعد " فقه المراجعات الفکرية", من أهم الوسائل التي تعين على التوجيه السليم والإرشاد القويم لأرباب العمل الدعوي, حيث إنه يقوم على العلم بالقواعد والمبادئ الأساسية للمحاورات الفکرية والمناقشات العقلية, وفهم مقدماتها ومقاصدها ومعرفة آليات تطبيقها, وفق فهم علماء الأمة الإسلامية ومفکريها وتفسيرهم لها, في سبيل العمل على تصحيح المسارات الفکرية, کما أنه يشکل خطوة جادة نحو تجفيف منابع التطرف الفکري, وفق رؤية متکاملة وعمليات منسقة شاملة, تأخذ بنواصي الأفکار والتصورات المتطرفة إلى ساحة الوسطية والاعتدال, وتعمل کذلک على تهيئة الأجواء الفکرية وترشيد الجهود الدعوية؛ لمواجهة أصحاب الأفکار المتطرفة, وإلا فإنّ تلک المواجهات العشوائية, لا تعدو أن تکون خوضًا للمعرکة خارج ساحتها بغير سلاح, وضياعًا للوقت فيما لا فائدة فيه.
ولقد جاء هذا البحث؛ ليؤکد أن[ فقه المراجعات الفکرية ] يهدف إلى: فهم تطورات الحرکات الإسلامية وتحولاتها, والاستفادة منها في مواجهة العنف والتطرف بکل صوره وأشکاله, ويؤکد کذلک أن ما يشاهد على أرض الواقع من مظاهر الغلو والتطرف العملية والسلوکية, هو في الحقيقة نتاج طبيعي للتعصب المذهبي والتطرف الفکري والشرود الذهني والشذوذ العقلي, وأن الشريعة الإسلامية براء من مثل هذه المخالفات الشرعية, حيث إنّها تعمل جاهدة من أجل الدعوة إلى التخلي عن التطرف بکل صوره وأشکاله, فهي الحل الأمثل لکلّ المشکلات الحياتية, وهي الدواء الأنجع لکل الداءات الإنسانية, وهي طوق النجاة الإيماني من مختلف أمواج الضلالات الفکرية؛ لذا فإنّ هناک خلطًا في الفهم عند من ادّعى أنّ مواجهة الإرهاب الفکري, تقتضي مواجهة التدين نفسه, وهذا خطأ کبير وإفک مبين, فقد نهى شرعنا الحنيف عن الغلو في الدين، وحذّر منه المسلمين, قال الله -U : ﭽﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭼ ( [1] ).
وکان المراد من بحثي هو: التأصيل النظري والتأسيس العلمي والتقعيد الدعوي, للمحاورات العقلية الهادئة والمناقشات الفکرية الهادفة والاجتهادات البشرية الناجحة, الداعية إلى تصحيح الأفکار المغلوطة وتصويب المفاهيم الخاطئة وتعديل المسارات الفکرية وترتيب الأولويات, المراد تحقيقها في مجال العمل الدعوي, والمطالبة بتطبيقها کوسيلة دعوية فعالة للإصلاح والتوجيه الفکري في مواجهة العنف والتطرف, عن طريق العلم بالأحکام الشرعية والأدلة العقلية والمتطلبات الواقعية.
وَصَلّ اللهم وسلم وبارک على سيدنا محمد r وعلى آله وأصحابه أجمعين
[1]) ) " سورة البقرة " : من الآية " 143 ".