مقتضيات العدل الإلهى ( الثواب والعقاب بين الوجوب والفضل لدى المعتزلة والأشاعرة) ( دراسة تحليلية نقدية)

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

جامعة الأزهر

المستخلص

شغلت قضية العدل الإلهي ومسألة الثواب والعقاب المفکرين قديماً وحديثاً، وذلک لکونها قضية مرتبطة بالواقع. إذ أنها أکثر القضايا الکلامية ارتباطاً به ، وتنبع خطورتها من أنها قضية معنية بأخطر العلاقات وأهمها، ألا وهي علاقة الله بالإنسان ، وتعتبر المعتزلة أکثر الفرق الکلامية اهتماماً بقضية العدل الإلهي حتى جعلوها مجالاً لتثبيت أسس تنزيه الفعل الإلهي، کما جعلوها ثاني أصولهم الحمسة التي لايُعرف المعتزلي  إلا بمعرفتها ، وأُطلق عليهم بسببها " أهل التوحيد والعدل ".
          ولقد جعل المعتزلة من أنفسهم مجاهدين في سبيل تنزيه الفعل الإلهي عن طريق الدراسة الموسعة لفکرة العدل بشقيها الإلهي والإنساني (1) دفاعاً عن فکرة الحرية ، وانطلاقاً من مبدأ المسئولية الخلقية ، التي أسسها الالتزام من جانب الإنسان والتکليف من جانب الله تعالى ، ثم الجزاء بالثواب أو العقاب ، وقد ناقشوا قضية العدل الإلهي من منطلق الحکمة الإلهية ، وأن لکل أفعال الله تعالى حکمة وسبباً، وهي نقطة خلاف واضحة بينهم وبين أهل السنة المتمثلين في الأشاعرة .
لذاکانت رغبتي في وضع الفرقتين في مجابهة بعضهما البعض ، حيث أثار انتباهي مدى التباعد الفکري في بعض النقاط ذات الصلة بموضوع العدل الإلهي بين الفرقتين ، ونقاط أخرى يکاد يکون الخلاف لفظياً بينهما .. فکان لابد من إماطة  اللثام عن وجه الحقيقة ، عن طريق البحث في الکتب الکلامية لشيوخ المذهبين وليس من خلال کتب الخصوم ، لتوضيح مدى التقارب أو التباعد بين الفرقتين وبيان القول الفصل ، ولهذه الأسباب کان اختياري لموضوع البحث.